علم الوراثة الخلوية  Cytogenetics


إن تحليل الصبغيات باستخدام تقنيات التهجين التألقي في الموضع (Fluorescence In-Situ Hybridization (FISH يسمح بالتحري ماقبل ومابعد الولادي prenatal and postnatal للعيوب الوراثية التي ترتبط بالشذوذات الصبغية عددية كانت أم بنيوية.
وفقط من خلال التحليل الصبغي ماقبل الولادي يمكننا أن نتحقق من العيوب الوراثية الملتبسة والتي تلمح التحريات المجراة بالأشعة فوق الصوتية، أو ببعض المعايير الكيميائية الحيوية إلى وجودها. الأمر الذي يوفر لنا تشخيصاً أكيداً يساعد الأولياء على التوصل إلى قرار يرتكز في أساسه على المعطيات والمعلومات.
أما التشخيص مابعد الولادي فهو هام لتقييم الاشتباه باضطراب وراثي ما. ذلك أن التعرف لهذا الاضطراب يمكن الطبيب من تحديد المنظور المستقبلي للطفل.
 

 

تحليل الصبغيات (العصابات Banding )

 

تناذر كلينفلتر (الزيغ العددي للصبغي الجنسي 47, XXY)
تناذر ترنر
(الزيغ العددي للصبغي الجنسي 45, X)
التثلث الصبغي 21, 18,13
(تشخيص الزيادة العددية للصبغيات)

زيغ الصبغيات الجنسية

 

تناذر كلينفلتر Klinefeltr Syndrome


في عام 1942 قام الدكتور هاري كلينفلتر وفريقه من مستشفى ماساشوسيتس العام في بوسطن بنشر تقرير عن تسع رجال لديهم حالة تضخم بالأثداء، شعر خفيف الكثافة بالوجه والجسم، خصى صغيرة مع غياب القدرة على انتاج الحيوانات المنوية.
ومع حلول نهايات عام 1950، تبين بأن الرجال المصابين بتناذر كلينفلتر، كما أطلق لاحقاً على هذه المجموعة من الأعراض، يحملون بغي جنسي إضافي XXY بدلاً من النمط الذكوري الطبيعي XY.
وبناءً على هذه الدراسات، أصبح النمط الصبغي XXY أحد أكثر الشذوذات الوراثية شيوعاً، والتي تظهر بتواتر يبلغ 1 من كل 500 إلى 1 من كل 1000 مولود من المواليد الذكور.
وفي حين ترث النساء صبغيي X (واحد من كل والد)، فإن الذكور غالباً ما يرثوا الصبغي X من أمهاتهم والصبغي Y من آبائهم.
و غالبا ما يحمل معظم الذكور الذين يعانون من تناذر كلينفلتر المذكور من وجود صبغي X إضافي- وبالتالي ما مجموعه بالحصيلة النهائية 2X+Y.
 

تناذر ترنر Turner's Syndrome
يصيب تناذر ترنر قرابة امرأة واحدة من بين كل 2500 أنثى. ذكر هذا التناذر للمرة الأولى في عام 1938 من قبل الدكتور هنري ترنر والذي لاحظ مجموعة من الملامح الفيزيولوحية الشائعة لدى بعض مريضاته.
وعلى النقيض من النساء اللواتي لا يعانين من هذا التناذر ويحملن صبغيين من النمط X، فإن النساء المصابات بتناذر ترنر لديهن غياب أو تلف في أحد الصبغيين X. ويكن قصيرات القامة مع معدل طول لا يتجاوز"7'4 وقد يعانين من مجموعة من الملامح الفيزيولوجية الجسدية والمشاكل الطبية المرافقة. هذا وقد تغيب لديهن مجموعة من الصفات الجنسية الثانوية خلال سن البلوغ نظرا لغياب النضج والتطور المبيضي الملائم، فضلا عن امكانية كونهن عقيمات.
هذا وتسهم التطورات الحديثة في التقنيات الطبية بمجال العلاج الهرموني والتلقيح الاصطناعي في الزجاج in vitro في تخفيف وتلطيف العديد من المشاكل المترافقة مع هذه الحالة.
أما من ناحية المهارات الفكرية، فإن المصابات بتناذر ترنر لايعانين من تخلف عقلي، إلا أنهن قد يعانين من مشاكل في التعلم وخصوصاً في المجالات الحسابية. والعديد منهن لديهن ضعف في المهمات التي تتطلب مهارات مكانية كقراءة الخرائط، الأحاجي والألغاز، التنظيم البصري، كما أنهن أكثر عرضة للمشكلات النفسية، وكثيرات منهن يعانين من تراجع الثقة بالنفس وتقييم الذات وكذلك من مشاكل في تقبل المظهر الشكلي.
 

التثلثات الصبغية Trisomies  
 

التثلث الصبغي 13 Trisomy
يرتبط التثلث على الصبغي 13 بوجود صبغي إضافي ثالث في الموقع 13. ويظهر التثلث 13 في قرابة 1 من بين كل 5000 وليد حي. وهذا التثلث عبارة عن تناذر متعدد الشذوذات لايسمح الكثير منها بالبقاء على قيد الحياة لأكثر من بضعة أشهر. حتى أن قرابة نصف الرضع المصابين لا يستأنفون الحياة لأكثر من شهر واحد، في حين يموت ثلاثة أرباع الرضع خلال ستة أشهر على الأكثر. هذا ويترافق التثلث الصبغي 13 مع شذوذات مختلفة بما فيها التأخر العقلي الشديد والعيوب الدماغية التي تؤدي إلى نوب اختلاجية، انقطاع النفس apnea، صمم، ومشاكل عينية. كما يعاني معظم المواليد من فلح شفوي cleft lip وفلح حنكي cleft palate، انخفاض مستوى الأذنين المحوري عن الحد الطبيعي، أضف لذلك مشاكل قلبية ولادية لدى قرابة 80% من الرضع المصابين. كذلك تعتبر الفتوق والشذوذات التناسلية أمراً شائعاً لديهم.
 

التثلث الصبغي 18 Trisomy
التثلث الصبغي في الموقع 18 هو تناذر يتزامن مع وجود صبغي ثالث إضافي رقم 18. إن التثلث الصبغي 18 هو عبارة عن تناذر شائع نسبياً يصيب قرابة 1 من بين كل 3000 مولود حي. هناك شذوذات عديدة ترافق وجود هذا الصبغي الإضافي لايتماشى العديد منها مع استمرارية الحياة لأكثر من بضعة أشهر. ونادراً ما يتجاوز هؤلاء الأطفال السنة الأولى من العمر. هذا وتتضمن الموجودات الشائعة: انخفاض الوزن عند الولادة، تخلف عقلي، انخفاض توضع الآذان وتشوه تشكلها، صغر الفك micrognathia، تشوهات في اليد، أمراض قلبية ولادية، فتوق واختفاء الخصية :cryptochidism
 

التثلث الصبغي 21 Trisomy
استناداً للهيئة الوطنية لتناذر داون فإن هناك أكثر من طفل مصاب بهذا التناذر من بين كل 800 إلى 1000 وليد حي.
وتناذر داون هو حالة خلل ولادي غير وراثي ينجم عادة عن وجود نسخة إضافية من الصبغي 21.
هذا ويرتبط تناذر داون بوجود تخلف عقلي متوسط إلى شديد مع مظهر نوعي ومميز لشكل الوجه، بنية قصيرة، نقص التوتر العضلي، عيوب قلبية ورئوية. كما أشارت الدراسات إلى أن المصابين بتناذر داون يكونون أكثر عرضة للإصابة باللوكيميا.
 

حدوث تناذر داون
في أغلب الأحيان يعزى ظهور تناذر داون الى حدث عشوائي يظهر أثناء تشكل الخلايا التوالدية reproductive cells سواء البويضة أو النطفة. وهكذا لايمكن أن نعزو هذا التناذر إلى أي نشاط سلوكي من قبل الوالدين أو لأية عوامل بيئية.
هذا ويكون احتمال ولادة طفل ثاني مصاب بهذا التناذر أكبر بالنسبة للأهالي الذين سبق وعانوا من ولادة طفل أول مصاب.

 

 

 

تحليل Fish (التهجين التألقي في الموضع

 

تناذرات الحذف المجهري Microdeletion syndromes
حالات الحمل عالي الخطورة تبعا للمشاكل الصبغية
 

 

 

الاختبار السريع للتثلث الصبغي 13 أو 18 أو 21

عندما تشير الموجودات بالأمواج فوق الصوتية ، أو نتائج اختبار تقصي مصل الأم إلى وجود حالات زيغ صبغي عددي numerical chromosome aberrations كالتثلث 18، 13 أو 21 (تناذر داون*)، فلا بد آنذاك من وضع تشخيص دقيق على جناح السرعة القصوى، وأهمية ذلك لا تأتي من ضرورة انقاص الزمن اللازم لاتخاذ القرار الملائم فحسب، وإنما من تقليص عوامل الضغط والشدة النفسية التي يواجهها الوالدين في مثل هذه الأحوال.
والاختبار السريع بطريقة FISH يخفض الوقت اللازم للتشخيص إلى يومين أو ثلاثة أيام عوضاً عن أسبوعين عندما نلجأ للـتنميط النووي karyotyping لخلايا السلى amniocytes أو لعينات من الزغابات المشيمية chorionic villus

* قرابة 5% من حالات تناذر داون لا تتزامن مع التثلث الصبغي 21 الكلاسيكي بالضرورة. وعوضاً عن ذلك، فهي تنجم عن حالات زيغ صبغي عددي مختلف (كحالات Robertsonian translocations) لايمكن تقصيها باختبارات الـ FISH السريعة، ولكن لابد من اللجوء لطريقة الطلاء الصبغي chromosome painting
 


تناذرات الحذف المجهري Microdeletion syndromes
 

تناذر Prader-Willi و Angelman
إن تناذري PWS=Prader-Willi و Angelman =As هما عبارة عن اضطرابات معقدة ومتميزة يتصف كل منها بسببيات وراثية متعددة تتضمن عمليات الحذف في 15q11-q13.
يتصف تناذر PWS بتخلف عقلي طفيف أو معتدل، قصور في القند hypogonadism وفشل مبكر في النمو يعقبه ميل لسلوك شره للطعام.
تشاهذ عمليات الحذف الصبغي في 70-80% من الحالات (راجع OMIM176270).
أما تناذر AS فيتصف بتخلف عقلي شديد، ضعف أو حتى غياب القدرة على النطق،رنح ataxia ، نوبات اختلاجية، فم واسع مع أسنان متباعدة. ويعاني قرابة 70% من الأطفال المصابين من حذف صبغي في 15q11-q13 (راجع OMIM 105830)
 

تناذر DiGeorge

 (Velocardiofacial, VCFS)(OMIM 188400)

بتواتر يصل إلى قرابة 1 من 5000، يمثل تناذر DiGeorge (أو ما كان يعرف سابقاً بـ CATCH 22) أحد أنماط الحذف المجهري الشائع. هذا ويبدي المرضى المصابون بالحذف في منطقة 22q11 الحرجة (والذي يشكل بدوره قرابة 95% من مجمل الحالات المشخصة) مدى واسع من الموجودات السريرية بما فيها العيوب القلبية الولادية، فلح حنكي، ملامح وجهية مميزة، مشاكل في التعلم ونقص في المناعة.
 

تناذر Cri-du Chat

(OMIM 123450)

يعتبر صوت البكاء الحاد الشبيه بمواء الهر معلماً تشخيصياً مميزاً لهذا التناذر. وتشمل هذه الحالة أحياناً تخلف عقلي، ومشاكل حركية نفسية حادة.
يبلغ تواتر هذا التناذر 1:20000 إلى 1:50000 رضيع وقرابة 1% من الأشخاص متخلفين بشكل كبير.
يقوم اختبار FISH الذي نجريه بتحري عمليات الحذف (الخبن deletions) في الموقع 5p15.2 والتي ترافق التناذر المذكور مع ميز عالي resolution يفوق ذلك الذي نحصل عليه بتحليل الـعصابات banding.
 

تناذر Williams

(OMIM 194050)
يتصف تناذر ويليام بتخلف عقلي معتدل الشدة، معالم وجهية مميزة وصفات شخصية خاصة، وكذلك بعيوب قلبية خلقية. يعاني معظم المصابين من عمليات حذف في 7q11.23 ، بما في ذلك مورثة الايلاستين Elastin gene.
 

تناذر Wolf-Hirschhorn

(OMIM 194190)
يحمل الأفراد المصابين بتناذر WHS معالم وجهية جمجمية توصف بأنها شبيهة بخوذة المحارب اليوناني Greek warrior helmet، إضافة لتشوهات ولادية جسدية أخرى (بما فيها تشوهات في الجهاز البولي والدماغي والقلب)، كذلك مشاكل في التعلم تتفاوت في شدتها من مريض لآخر.
واعتماداً على تحليل الـ FISH الذي يكشف عمليات الحذف في منطقة 4p16.3 فإننا نتمكن من تشخيص مايفوق 95% من المرضى المصابين بهذه الحالات السريرية.
 

 

حالات الحمل عالي الخطورة تبعا للمشاكل الصبغية   


من المفترض أن نلجأ لتقييم جميع حالات الحمل بغرض تحديد احتمال وجود أو تطور عوامل خطورة مختلفة، وبالطبع يمكننا الوقوع على عوامل مختلفة يمكن تصنيفها بطريقة منهجية من خلال نظام التقييم بالدرجات scoring system. وبالتالي فإن أي تصنيف لحمل ما كحمل عالي الخطورة يتطلب منا بذل اهتمام إضافي وعناية خاصة.
 

ونذكر من بين العوامل التي تستطب فيها الاختبارات الوراثية وحالات التثلث الصبغي في المواضع 18,13 و21 أو شذوذات الصبغيات الجنسية والتي تكشف بداية عبر الفحص بالأمواج فوق الصوتية أو بتقصي مصل الأم الحامل، كذلك بحالات تقدم عمر الأم الحامل ووجود قصة عائلية لاضطرابات وراثية مرتبطة بالشذوذات الصبغية.
 

وإضافة لتحليل العصابات الهام في مجال تحري الزيغ الصبغي بشكليه البنيوي والعددي، فإننا نوفر اختبارات FISH لحالات التثلث الصبغي 18،13 و21 والتي تختصر الوقت بالنسبة للحوامل حيث يلعب الزمن دوراً حاسماً في اتخاذ القرار النهائي.